إنه الإقتصاد ياغبي ,العبارة الشهيرة لجاميس كالرفل مستشار بيل كلينتون,
في حملته الإنتخابية لدخول البيت الأبيض سنة 1992 .
حينها كانت الولايات المتحدة تعاني من ركود إقتصادي . وكان الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب يجد صعوبة في فهم احتياجات الأمريكيين العاديين وكيف يستقطبهم وهو يحاول الفوز برئاسية ثانية .
هنا جاميس كالرفل قال لحملة كلينتون إنها الثغرة الرئيسية لإزاحة بوش الأب من البيت الأبيض .هي التركيز على أهمية الإقتصاد على الحياة اليومية العادية للمواطن الأمريكي .
حيث أوضح لبيل كلينتون أنه يجب أن يرسخ في فكر المواطن الأمريكي أن السياسات الإقتصادية التي سينفذها كلينتون بعد نجاحه ستصب في جيب المواطن الأمريكي و حياته المالية ستتحسن.
لدرجة أن كالرفل علق لافتة في مقر حملة كلينتون مكتوب عليها , إنه الإقتصاد ياغبي وأصبحت بعد ذلك شعارا للحملة وفاز بيل كلينتون في الانتخابات سنة 1992 وفاز بعدها بولاية أخرى سنة 1996
ومنذ ذلك الحين أصبحت عبارة , إنه الإقتصاد يا غبي ,أحد الأسباب الرئيسية لتفسير أهم التحولات التي تحدث في الإنتخابات الأمريكية
وكلمة السر في فهم طبيعة فكر الناخب الأمريكي والمتمثلة في أهمية المشاعر الإقتصادية , هي دائما تكون الورقة الرابحة لفوز أي رئيس أمريكي في الانتخابات .
وهي نفس الورقة التي لعب عليها دونالد ترامب في حملته الإنتخابية في مواجهة كاميلا هاريس و أقصاها بالضربة القاضية بسرعة كبيرة.
في مفاجأة للتوقعات التي سبقت عملية التصويت والتي كان معظمها يشير لتقارب شديد بين فرص ترامب وهاريس في دخول البيت الأبيض
وتعتبر هذه الانتخابات أكثر إنتخابات أمريكية لم يكن متوقعا , من سيربح بفارق أصوات معتبرة أكثر من منافسه .
مع الوضع في الإعتبار إن معظم استطلاعات كانت من وسائل إعلام تؤيد الديمقراطيين ولا تريد لترامب أن يفوز
لكن رغم ذلك ترامب بفارق كبيرعن هاريس , وأحد التفسيرات الأساسية لإعادة انتخاب ترامب مرة ثانية هي القضية الاولى اللي دائما تثبت نفسها في الانتخابات الأمريكية هي الاقتصاد وما أدراك من الإقتصاد.
في حين أن كاميلا هاريس والديمقراطيين كانوا مركزين على البيانات الاقتصادية الكلية والعامة للاقتصاد الامريكي .
و التي تشير لنمو اقتصادي قوي عزز مكانة الاقتصاد الأمريكي كأقوى إقتصاد في العالم إلى جانب تراجع معدلات التضخم وان الاقتصاد يزيد في في عدد الوظائف .....
ورغم ذلك لم يشعر الامريكيون بإنعكاس هذه الأرقام والإحصائيات العامة على أحوالهم المالية الشخصية .
وعدد كبير من الناخبين الأمريكيين كان يلوم جو بايدن ونائبته كاميلا هاريس على فشلهم في اجراء تحسينات كافية على أوضاعهم المالية على مدار الأربع سنوات التي مضت .
واستطلاعات رأي كثيرة كانت تشير إلى أن الامريكيين لديهم إنطباعات سلبية بخصوص الاقتصاد الامريكي .
يعني عندما تظهر البيانات الإقتصادية الكلية و العامة عظمة الإقتصاد الأمريكي, لكن المواطن الأمريكي البسيط يشتري كوب القهوة في الصباح , بسعر مرتفع .
ويدفع ثلث دخله كإيجار بيت وليس قادر أن يشتري بيت أو شقة على ملكه . إلى جانب الإرتفاع المتزايد لأسعار المواد الأساسية إذن فلتذهب البيانات للجحيم يقول الأمريكي البسيط ... وسيكون مع المترشح الذي يعده بتحسين حالته المادية وإمكانه شراء بيت بثمن مناسب و تسديد ديونه الشخصية
وهو ما نجح في إيصاله ترامب للناخب الأمريكي العادي ونجح في إستقطابه ونيل صوته .
طبعا عودة ترامب هزت العالم و العالم في حالة ترقب حاليا في معظم الدول, فالعالم يتساءل عن ماذا سيفعل صانع السياسات الاول عالميا المتمثل دائما رئيس أمريكا في المشهد السياسي والإقتصادي العالمي
ماهي الخطط الاقتصادية للرئيس العائد ترامب ؟ ماهي الاجندا الاقتصادية للرئيس العائد بقوة التي سينفذها في الأربع سنوات القادمة ؟ وهل فعلا سيحدث تغيير جذري في العالم ويقلبه رأس على عقب كما يرى ملاحظون ؟ وكيف ستؤثر أجندته على الاقتصاد الأمريكي والعالمي ؟
بعد فوز ترامب بالانتخابات الامريكية وظهور النتائج مبكرا على عكس التوقعات نهاية يوم الاربعاء 6 نوفمبر2024 ,حيث ارتفعت الاسهم الامريكية وواصلت الارتفاع لثاني يوم الخميس 7نوفمبر
إلى غاية أن وصلت المؤشرات الرئيسية لشركة دو جونسو الصناعي أو ستاندر أم بوز 500 أو ناس داك المركب إلى مستويات قياسية مرتفعة. بالإضافة إلى وصول الدولار لأعلى مستوياته في الأربع الأشهر الأخيرة حتى يوم نتائج الإنتخابات وبعدها .إلى جانب إرتفاع مدولات عملات أمريكية أخرى كالبتكوين.
والسؤال المطروح هنا , لماذا دفع فوز ترامب سوق الاسهم والدولار تحديد للارتفاع بشكل حاد . ولا يمكن ههم الموضوع إلا بالعودة إلى
أبرز إنجازات ترامب في فترة حكمه الاولى التي كانت قانون التخفيضات الضريبية والوظائف لسنة 2017 القانون مقرر أن ينتهي نهاية سنة 2025 .
ووعد ترامب أنه سيعيد جميع التخفيضات الضريبية التي كانت في القانون من جديد وهو ما جعله يجذب العاملين بأجور زهيدة في المطاعم وغيرها من الاماكن و كبار السن ككتلة تصويتية كبيرة .
ووعد انه سيلغي الضرائب على الإكراميات وفوائد الضمان الاجتماعي وأجور العمل الإضافي و سيكون هناك خصم ضريبي على بعض ضرائب الدخل الأخرى .... وهو ما جعله يضمن أصوات أغلبية الناخبين بمختلف فئاتهم.
أما بالنسبة للشركات فهو يخطط لخفض ضريبة الشركات من 21 الى 15 بالمائة بحجة أن التخفيض حيحفز النمو الاقتصادي ويخلق فرص عمل أكثر
ولكن هذا التخفيض يشمل فقط الشركات التي تصنع منتجاتها في الولايات المتحدة , في المقابل فمتوقع ان هذه التخفيضات الضريبية الشاملة ستضيف للدين الوطني الأمريكي حوالي 5.8 تريليون دولار على مدار عقد من الزمن .
وهنا لسائل أن يتسائل , هذه التريليونات من الدولارات التي ستتحملها الخزانة الأمريكية كيف ستغطيها أجندة ترامب الإقتصادية ؟
هنا تكمن فكرة ترامب ببساطة في أنه يريد أن يستبدل ضريبة الدخل الفيدرالي بايرادات التعريفات الجمركية المتطرفة التي يريد ترامب فرضها وهي من أهم نقاط السياسة الاقتصادية المتعلقة بالخطط الاقتصادية لترامب .
ولنفهم الأمر أكثر يجب أن نعرج ونتذكر الحرب التجارية التي نشأت بين الولايات المتحدة والصين خلال فترة حكم ترامب الاولى خاصة في سنة 2017 و 2018 .
الأمر مختلف جدا هذه المرة فترامب ينوي أن يغير وجه التجارة الدولية بين الولايات المتحدة الأمريكية وجميع الدول العالم تغييرا جذريا .
حيث تعهد ترامب بانه إذا تم انتخابه مرة ثانية سييفرض تعريفة جمركية شاملة ب نسبة 10 او20 بالمائة على كل الواردات التي ستدخل الولايات المتحدة من أي مكان في العالم وبالتالي اي منتج او خدمة يتم تصديرها لأمريكا سيفرض عليها تعريفات جمركية 10 او 20 بالمائة.
أما بالنسبة للصين فالضريبة الجمركية على جميع الواردات الصينية ستصل إلى 60 بالمائة . ولن تكون تكون السلع المفروض عليها ضريبة جمركية منتقاة مع الصين في ولايته الأولى .
كما وعد ترامب بإستهداف صناعات معينة وفرض رسوم جمركية باهضة عليها مثل شركات الدولية لصناعة السيارات التي تستخدم مصانع في المكسيك لصنع سيارات وبيعها قي الولايات المتحدة, حيث تصل الرسوم الجمركية على هذه المصانع إلى 200 بالمائة و اي منتجات أخرى تصنع في المكسيك بالخصوص لتدخل الولايات المتحدة حصريا.
و بذلك نتبين أن ترامب ساوى بين خصوم الولايات المتحدة مثل الصين و بين حلفائها مثل كندا والاتحاد الاروبي الكل سيتذوق من بطش ترامب الإقتصادي لكن في الوقت المناسب. كما سيعى ترامب إلى مراجعة التفاوض على اتفاقية
Usmca
التي أبرمتها إدارته السابقة مع المكسيك وكندا .
وتتمحور فكرة ترامب في أن التعريفات الجمركية الكبيرة ستعزز قطاع التصنيع الأمريكي وستؤدي إلى نقل مرافق التصنيع المرافقة لها . وهو ما سيخلق فرص عمل جديدة, وسيجلب مليارات الدولارات للاقتصاد الأمريكي وبالتالي سيساعد في تغطية تكاليف التخفيضات الضريبية اللي سيضعها ترامب .
في المقابل نجد دراسات كثيرة أظهرت ان تكلفة التعريفات الجمركية اللي فرضها ترامب سنة 2018 تحملها المستهلكون والشركات الامريكية بالكامل تقريبا .
الفكرة ببساطة ان تكلفة الرسوم الجمركية يتم ترحيلها وتتنقل إلى المستهلك الامريكي إما من خلال ارتفاع السلعة التي دخلت او عدم دخولها من الاساس .
وبالتالي يجد المستهلك نفسه يبحث عن بعض السلع المستوردة ولا يجدها أو يجدها مرتفعة السعر فيعدل عن شرائها .
بالتوازي ستحاول الشركات الأمريكية إيجاد البديل للمنتجات المستوردة و تطرحها بالسوق بتسعير أخفض بشكل بسيط من اسعار السلع التي تفرض عليها تعريفة جمركية وهي فرصة لن تفلتها الشركات الأمريكية لجمع الأموال وبالتالي الدخول في دوامة إرتفاع الأسعار من جديد بشكل أو بأخر .
وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم الأمريكية كما يتوقع عديد الخبراء الاقتصاديين , حيث استطلعت صحيفة وول ستريت جورنال في منتصف أكتوبر الماضي رأي خمسين خبير إقتصادي حول تأثير السياسات الإقتصادية لترامب ومنافسته هاريس على التضخم في الولايات المتحدة.
68 بالمائة منهم يرون ان التضخم وارتفاع أسعار الفائدة والعجز ستكون اعلى في ظل السياسات اللي سينتهجها ترامب مقارنة بهاريس .
الاقتصاديون أكدوا أيضا أن الأسعار سترتفع بشكل أسرع في عهد ترامب بسبب خطط التعريفات الجمركية وهؤلاء ليسوا الاقتصاديين الوحيدين الخائفين من احتمالية انزلاق الاقتصاد الأمريكي لدوامة التضخم بسبب السياسات الاقتصادية الترامبية
وفي شهر جوان المضي 16 خبير إقتصادي من الحائزين على جائزة نوبل وقعوا على رسالة مشتركة بمثابة جرس إنذار لخطر السياسة الترامبية. وعلى رأسهم الاقتصادي الشهير جوسيف ستيغلسز ,
وروبرت تشيلر الذي كان قد اصدرتحذيره الشهير المنبه من حدوث فقاعة عقارية في منتصف الالفينات و حدثت بالفعل بعد ذلك في سنة 2008 وبول رومر كبير خبراء الاقتصاد السابق في البنك الدولي وعالم الاقتصاد المعروف جورج أكرلوف وهو بالمناسبة زوج جانيت يلن وزيرة الخزانة الأمريكية
وهم لهم أسباب وجيهة للقلق من أن أجندة ترامب الإقتصادية ستشعل التضخم في الولايات المتحدة وان مقترحات ترامب ستفشل في إصلاح التضخم
ولكنها ستجعل الامور اسوا بكتير وقالوا ان نتيجة الانتخابات ستيكون لها تداعيات اقتصادية لسنوات او ربما عقود على الاقتصاد الامريكي وانتخاب ترامب لولاية ثانية سيكون له تاثير سلبي على المكانة الاقتصادية لأمريكا في العالم .
و تأثير مزعزع للاستقرار على الاقتصاد المحلي الأمريكي
في الأثناء تمثل رد جبهة ترامب على كل هذه الاتهامات من قبل هؤلاء الخبراء الإقتصاديين . في البيان الذي أصدرته كارولين ليفيت السكرتيرة الصحفية لحملة ترامب .
حيث قالت إن الشعب الأمريكي لا يحتاج لإقتصاديين فائزين بجائزة نوبل بعيدين عن الواقع وعديمي القيمة ليخبروهم من هو الرئيس الذي وضع أموالا أكثر في جيوبه .
و أضافت : لن نتحمل أكثر سياسة بايدن الاقتصادية 4 سنوات أخرى وقالت إن ترامب سيرجع للبيت الأبيض سيعيد تنفيذ أجندته الداعمة للنمو وخفض أسعار الطاقة وزيادة الوظائف وخفض تكاليف المعيشة ورفع مستوى حياة جميع الأمريكيين ,خفض الضرائب إلى جانب تفعيل التعريفات الجمركية المتطرفة وغيرها من الإجراءات . وهو ما سيؤدي إلى دوران وتسريع الاقتصاد في الوقت الذي يحاول الفيدرالي الامريكي أن يبطئ التضخم .
وكان قد بدأ للتو يعكس سياسته النقدية وخفض أسعار الفائدة نصف نقطة مائوية في شهر سبتمبر الماضي وخفض مرة أخرى منذ أيام الفائدة ولكن بوتيرة أقل بربع نقطة مائوية .
وهنا ستجدد المعركة بين أكثر إثنين لا يطيقان بعضهما ترامب الذي سيرجع للبيت الابيض ورئيس البنك الفيدرالي الأمريكي جيروم باول.
وحاول ترامب في ولايته الاولى الاحتكاك بباول واستفزازه محاولا التأثير على قرارت الفيدرالي الأمريكي مخالفا الأعراف الراسخة الأمريكية بإستقلالية الفيدرالي الأمريكي عن الإدارة الأمريكية نفسها.
المناوشات بالمناسبة بدأت بالفعل ترامب يقول انه يفكر في إقالة رئيس البنك الفيديرالي لانه يحافظ على معدلات نسبة فائدة مرتفعة في حين رد جيروم باول أن القانون لا يسمح بذلك
ترامب يريد أن يكون له دور في السياسة النقدية ويمارس سلطة مباشرة على بنك الاحتياط الفيدرالي بخصوص معدلات الفائدة حيث يقول أنه اعظم من هؤلاء الناس في هذا المنصب
ويكمن المشكل في تدخل رئيس الدولة أو حكومته في سياسة البنك المركزي عموما حيث أن ترامب أو أي رئيس أخر سيحاول أن يظغط على البنك المركزي لكي يحافظ على أسعار الفائدة منخفضة بشكل مصطنع ليعزز الإقتصاد
يعني في الوقت الذي يكون هناك تضخم يستدعي بالضرورة رفع سعر الفائدة .سيأتي الرئيس ويطلب عدم رفع الفائدة و النتيجة ستكون ارتفاع كبير في معدلات التضخم والأمور ممكن تخرج عن نطاق السيطرة .
ووفقا لبحث أجراه معهد بترسون للإقتصاد الدولي في شهر سبتمبر الماضي توصل الباحثون إلى أن تآكل إستقلال البنك الإحتياطي الفيدرالي
سيتسبب في إرتفاع معدلات التضخم وتدفقات رأسمال لخارج الولايات المتحدة وخسارة كبيرة لقيمة الدولار الأمريكي وإرتفاع معدلات البطالة
وكل هذا سيؤدي إلى تدهور مستويات المعيشة الامريكية , البروفسور وارك ماكين أستاذ الإقتصاد في الجامعة الوطنية الأسترالية وزميل أول غير مقيم في معهد بترستون يقول ان الدول التي عندها بنوك مركزية مستقلة عندها معدلات تضخم قليلة .
وضرب مثالا إن البنك المركزي الارجنتيني كان يعاني طول الوقت من التدخل السياسي وهو اليوم يمتلك أعلى معدل تضخم في العالم .
والحقيقة ليست السياسات الترامبية الإقتصادية السابقة التي تم ذكرها هي فقط التي ستسبب في ارتفاع معدلات التضخم في أمريكا والذي سينتقل لاقتصادات العالم وسيعاني منه خاصة الاقتصادات النامية والناشئة تحديدا بسبب رفع أسعار الفائدة الأمريكية.
لكن بالإضافة لذلك هناك سياسة متطرفة أخرى سينفذها ترامب و جي دي فانس الذي أصبح نائب ترامب .
حيث يخططان لأكبر برنامج ترحيل جماعي بين 15 و 20 مليون شخص غير موثق من الأراضي الأمريكية عمليات ترحيل بحق ملايين من العمال غير المسجلين
حيث يؤمن ترامب ونائبه ان المهاجرين يقتلون الوظائف ويزاحمون الامريكيين على المساكن وبالتالي يساهمون في غلاء أسعار الاجارات وكما يرون أن للمهاجرين دور في إرتفاع معدلات الجريمة
لكن من ناحية أخرى فإن عمليات الترحيل ستكون لها تأثيرات كارثية على الإقتصاد الأمريكي نفسه لأنة ببساطة ملايين العمال يشتغلون بأجور زهيدة في وظائف شاقة متحملين ظروف المعيشة القاسية.
لو تم إخراجهم من سوق العمل سيؤدي ذلك إلى إرتفاع الاجور وإلى ارتفاع الاسعار للمستهلكين في صناعات وقطاعات كتيرة معتمدة على العمالة المهاجرة مثل قطاع الزراعة الذي يساهم 16بالمائة من العاملين فيه هم عمال غير موثقين
وبالتالي سيأثر ذلك على إمدادات العمال وبالتالي إلى نقص العمالة وإرتفاع التكاليف لهذه الصناعات
وهو ما سيسبب صدمة كبيرة على جانب العرض وبالتالي سترتفع أسعار الغذاء
قطاع الإسكان نفسه الذي بواجه نقص حاد في المساكن معتمد على المهاجرين غير المسجلين لأنهم يشتغلون بكثافة في بناء المنازل الجديدة بالتالي إنسحابهم من قوة العمل سيؤثر على صناعة البناء نفسها وسيرفع تكاليف المساكن الجديدة
وجهة نظر أخرى ترى أن زيادة الهجرة لأمريكا في اخر سنتين كانت من الأسباب الرئيسية في خفض معدلات التضخم في أمريكا لأنها حلت مشكلة العرض في الإقتصاد بعد تحسن سلاسل التوريد وزيادة قوة العمل
وغذت الهجرة بشكل أساسي في المساعدة في تخفيض حدة اختلال التوازن بين العرض والطلب الذي كان موجود قبل سنتين وكان سببا في إرتفاع الاسعار
وبالتالي عمليات الترحيل الجماعي ستسبب صدمات جديدة وستخلق ارتفاع جديد في التضخم .
في ذات السياق أنجز تحليل من مجلس الهجرة الأمريكي و وجدوا ان ترحيل 11 مليون شخص سيكلف الاقتصاد 315 مليار دولار .
إلى جانب ان ملايين العمال المهاجرين يدفعون للضمان الاجتماعي وبالتالي توقف مدفوعاتهم فجأة سيأثر بشدة على برنامج لجنة الميزانية الفيدرالية التي تراقب الميزانية
حيث قدرت ان خطط ترامب للترحيل الجماعي والتعريفات الجمركية وتخفيضات الضرائب ستؤدي لإفلاس صناديق الائتمان بعد ست سنوات فقط من تولي ترامب لمنصبه .
و بالتالي خفض الفوائد للمسجلين بالفعل بنسبة 30بالمائة كل هذا بسبب تقليص الإرادات الداخلة لصندوق الضمان الاجتماعي .
في النهاية هذه كانت ملامح أساسية من الخطط الإقتصادية الترامبية على الإقتصاد الأمريكي وعلى إقتصادات العالم ومنها العربية
فهل ان خطط ترامب الإقتصادية ستؤدي الى انهيار الأسواق المالية مثل ما حدث في الأزمة المالية العالمية سنة 2008
تعليق